3 الاستعارة
الاستعارة صورة فنيه تتميز من التشبيه لأنها أكثر خيالاً أجمل
صورة و سر تأثيرها يكمن في تأليف الألفاظ و ابتكار المشبه به
مما لا يجول في خاطر المرء العادي بل يحسنه الأديب أو الشاعر
الذي وهبه الله تعالى استعداداً سليماً لربط المعاني و توليد بعضها
من البعض الآخر فحين درسنا التشبيه البليغ قلنا هو ما بقي
من التشبيه طرفاه و أتينا بمثال هو أنت أسد ......الخ و إذا أردنا
تحويل الجملة إلى استعارة قلنا رأيت أسد يرمي النبال فحذفنا هذا المشبه و أبقينا على المشبه به و هذه هي الاستعارة و الاستعارة أنواع. و سوف اكتفي بذكر أهمها
أ-الاستعارة التصريحية
و إليك هذا البيت توضيح لها
فلم أر قلبي من مشى البحر نحوه *** ولا رجلاً قامت تعانقه الأُسد
تجد إن الشاعر استخدم لفظة البحر في البيت أو بالأصح في صدر
البيت في حين انه لم يقصد البحر المعروف بل أراد الممدوح الكريم
لشبه واضح بين دلالة اللفظتين فالبحر واسع و خيراته كثيرة
و كذلك الممدوح فهو عميم الخير و الفضل و الدليل على انه قصد
الممدوح الكريم انه استخدم الفعل مشى لأن البحر لا يمشي بل الذي
يمشي هو الكريم و انظر إلى كلمة الأسد في عجز البيت تجد أن الشاعر
لم يرد بها تلك الحيوانات المفترسة بل انه أراد الشجعان لشبه واضح
بين دلالتي اللفظتين و هو القدرة و الإقدام بدليل الفعل تعانقه نعود
لي البيت فنجد تشبيهين حذف منهما لفظ المشبه ووضع بديلاً
عنهما لفظ المشبه به على أن المشبه به هو عين المشبه فالاستعارة
هي في هذه الحال تصريحية
ملاحظة أن الاستعارة التصريحية هي التي صرح فيها بلفظ المشبه به
و القسم الآخر هو
ب- الاستعارة المكنية
إذا كانت الاستعارة التصريحية تعتمد على ذكر المشبه به
فأن الاستعارة المكنية تعتمد على حذفه و هذا هو الفارق بينهما
انظر إلى قوله تعالى ( و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة ) الإسراء 24
نجد أن الآية الكريمة شبهت الذل بطائر ذي جناح فالذل مشبه
و الطائر مشبه به ثم حذف المشبه به الطائر و رمز له بشيءٍ من لوازمه
و هو الجناح أي انه كنى عن المشبه به و لم يصرح به و ذكر القرينة
دليلاً عليه و هي إثبات الجناح الذي يطير به على سبيل الاستعارة المكنية
ملاحظة أن الاستعارة المكنية صورة فنيه تدعو القارئ إلى تأمل المعنى
بعد حذف المشبه به
ج- الاستعارة التمثيلية
و هذا نوع ثالث من الاستعارات فيه كمال التعبير الفني يستخدمه
الكاتب من أقوال مأثورة و أمثال مضروبة مثلاً
قوله تعالى ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأته خاشعاً
متصدعاً من خشية الله ))
وقول حسين رضي الله عنه لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل
و لا افر فرار العبيد
و لا أريد تطويل الشرح عليكم سأشرح الآية الكريمة نجد
أن في الآية تشبيهاً لحال القرن الكريم في علوه و قدرة
و قوة تأثيره ما يتضمن من مواعظ و زواجر بحال لو انه
انزل على جبل و فهم هذا الجبل و تدبر ما فيه لخشع
و تصدع رهبة من الله على رغم صلابته و غلظته ثم استُعير
التركيب الدال على المشبه به و هو الخشوع الذي هو من خ
خصائص الإنسان للمشبه و هو الجبل على سبيل الاستعارة التمثيلية
و الخلاصة1- أن الاستعارة ابلغ من التشبيه و أوسع خيالاً لأنها تشبيه
حذف احد طرفيه و هما
أ- المشبه و يقال له مستعار له
ب- المشبه و يقال المستعار منه
2- و أن الاستعارة أنواع عديدة أهمها
التصريحية
المكنية
التمثيلية
3- أن تركيب الاستعارة يختلف من عصر إلى عصر و أجمل
الاستعارات ما كانت مؤثرة في النفس و ناسبت العصر الذي قيلت فيه
]